❗️sadawilaya❗
كتب الاعلامي ركان الحرفوش
لم تعد سياسة العدو الإسرائيلي في التوسّع مضبوطة بالقرارات الأممية أو محكومة بسقوف الردع التقليدية. فتل أبيب، التي اعتادت استثمار الفوضى في محيطها العربي، تبدو اليوم أمام فرصة نادرة لإعادة رسم حدود نفوذها، في وقتٍ يعيش فيه الإقليم أسوأ مراحله من التفكك. ومع غياب أي مساءلة دولية، تتحرك إسرائيل بثقة نحو مرحلة جديدة من القضم التدريجي، حيث تحوّل “الأمن الوقائي” إلى ذريعة دائمة لتوسيع السيطرة.
سوريا، التي كانت تشكل قلب الصراع الوجودي، باتت اليوم الخاصرة الرخوة في المعادلة الإقليمية. انهيار مؤسسات الدولة وتآكل الجيش بعد سقوط نظام الأسد وتدميره من قبل الذراع الجوي للعدو المدعوم من الغرب، وصعود قوى محلية متناحرة تتماهى مع السياسات الغربية، جعل من البلاد ساحة مفتوحة للتدخل الخارجي. ومع انكفاء روسيا وانشغالها بملفاتها، وتراجع الدور الإيراني، أصبحت الحدود السورية مكشوفة تمامًا أمام أي تحرك إسرائيلي.
في المقابل، يُلاحظ أن سوريا اليوم أضعف من لبنان في موازين الردع. فبيروت ما زالت تمتلك جيشًا ومقاومةً تفرض على إسرائيل حسابات دقيقة في كل خطوة، بينما دمشق فقدت كل أوراق القوة. لم يعد هناك جيش يردّ، ولا نظام يقرّر، ولا حليف مستعد لخوض مواجهة دفاعًا عن سيادة غابت مع غياب الدولة نفسها.
إن أخطر ما يميز المرحلة المقبلة هو انهيار الضوابط الأممية وتحوّل المجتمع الدولي إلى متفرّج على عملية القضم البطيء. إسرائيل تستغل هذا الصمت الدولي لتثبيت وقائع ميدانية جديدة في الجولان و درعا والسويداء ومحيطهم، تحت شعار “حماية الحدود”، فيما الهدف الحقيقي هو توسيع الجغرافيا وتكريس الهيمنة. وهكذا، تتجه المنطقة إلى واقعٍ جديد تُرسم فيه الخرائط على وقع الانهيارات، وتُستبدل حدود العروبة بحدود القوة.